تكنولوجيا تعليم الفئات الخاصة-المفهوم و الأسس النظرية
تدور هذه الوحدة حول مفهوم تكنولوجيا تعليم الفئات الخاصة وأهميتها، ومجالات تكنولوجيا تعليم الفئات الخاصة، واستخدام تكنولوجيا التعليم مع هذه الفئة.
تقديم:
كما تعلم عزيزى الدارس... عزيزتى الدارسة أن تقدم الأمم يقاس بمدي قدرتها علي امتلاك التكنولوجيا المعاصرة واستخدامها في شتي مجالات الحياة، وأصبحت التكنولوجيا أو تطبيق الأسس والمبادئ العلمية في الواقع الميداني ضرورة أساسية في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة، كما أصبحت مكوناً أساسياً من مكونات العملية التعليمية، وقد ساعد علي ذلك تنافس شركات الإنتاج لتقديم أشكال متعددة ومتطورة من المواد والأجهزة التعليمية التي تعين المعلم في كافة مراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي، علي تقديم خبرات ثرية وتنظيم مواقف تعليمية نابضة بالحياة.وقد ترتب علي ذلك أيضاً إدخال علم تكنولوجيا التعليم كمكون أساسي في برامج إعداد وتدريب المعلم علي كل المستويات التعليمية. وأصبح هذا العلم له مفاهيمه، ومجالاته، ومناهج البحث فيه، والتي أدت إلي إفراز أنماط عديدة من تكنولوجيا التعليم وقد عرف فتح الباب عبد الحليم تكنولوجيا التعليم : " العلم الذى يدرس العلاقة بين الإنسان ومصادر التعلم ( المعرفة ) من حيث إنتاجها ، واستخدامها ، وإتاحتها لتحقيق أهداف محددة فى إطار من فلسفة التربية ونظريات التعلم ".( فتح االباب عبد الحليم 1996 ).وقد قدمت جمعية الاتصال وتكنولوجيا التربية Association for Educational Communications and Technology ( ِAECT ) تعريفا لتكنزلوجيا التعليم:
" تكنولوجيا التعليم هى النظرية والتطبيق فى تصميم العمليات والمصادر , وتطويرها، واستخدامها , وادارتها , وتقويمها من أجل التعلم. " ( محمد عبد الحميد 2005).
وفى إطار ذلك نرى أن تكنولوجيا التعليم :" أسلوب منهجي وطريقة في التفكير تهدف إلي استخدام المصادر البشرية والإبداع الإنساني والمصادر المادية لحل مشكلات التعليم أو إثراء المواقف التدريسية.
ومن هنا فإن تكنولوجيا التعليم نظام متكامل يضم عناصر متعددة هي: الإنسان والأفكار والمعدات التكنولوجية وأساليب العمل والإدارة وعمليات الإنتاج ويلي ذلك الإتاحة والاختيار والاستخدام الأمثل وما يتطلبه كل هذا من التمكن كفاءات فنية وتربوية يجب أن تعمل كلها متكاملة لتقديم منتج يسهم في حل مشكلات تعليمية؛ قد تكون هذه المشكلات متمثلة في أعداد كبيرة يصعب تعليمها أو قدرات محددة لدي المتعلم يمكن الأخذ بها باستخدام تكنولوجيا التعليم، وقد يكون منتج تكنولوجيا التعليم في صورة برامج يجد فيها المتعلم ذوي القدرات الفائقة ما يتحدي تفكيره، وما يشبع طاقاته الكامنة للبحث عن المعرفة واستخدامها....( فارعه حسن 2000)
وقد ظهرت أشكال وأنماط متعددة لتكنولوجيا التعليم لعل من أقدمها التعليم المبرمج ( (Programmed Instruction الذي يهدف إلي إعداد مجالات الخبرة التعليمية وتحديدها بعناية، وترتيب تتابعها بدقة بحيث يقوم المتعلم من خلال هذه الخبرات بتعليم نفسه وتقويم تعلمه، واكتشاف أخطائه وتصحيحها، ويرجع الفضل في تطوير التعليم المبرمج إلي عالم النفس (سكينر) الذي قدم مبادئ التعليم المبرمج ووضع الأسس الجوهرية لتصميم وبناء أنماط تكنولوجيا التعليم المختلفة، البعض منها يستخدم في مجال التعليم والبعض الأخر يستخدم في مجال التدريب، وما يستخدم في مجال التعليم أو التدريب قد يكون تعليماً بمساعدة المعلم أو المدرب، أو تعليماً ذاتياً يعتمد علي الفرد نفسه، فظهرت لنا أنماط عديدة منه مثل:
1- الدروس التليفزيونية التعليمية، وأشكال التعلم أو التدريب عن بعد.
2- المديولات والحقائب التعليمية.
3- التعليم باستخدام الكمبيوتر والوسائط المتعددة.
4- التعليم والتدريب عبر مؤتمرات الفيديو المرئية.
5- وظيف شبكة المعلومات المحلية أو الدولية في التعليم الإلكتروني والمدارس والفصول والجامعات الإلكترونية ( الافتراضية ).
6- والكتب الإلكترونية المتزامنة وغير المتزامنة.
7- اضافة إلى كل هذا التكنولوجيا المستخدمة لذوى الاحتياجات الخاصة.
وفى مجال تكنولوجيا تعليم ذوى الاحتياجات الخاصة لابد من الإشارة إلى مصطلح غاية فى الأهمية وهو ما يطلق علية التكنولوجيا المساعدة Assistive Learning ويقصد بهذا المصطلح : " كل ما تقدمه التكنولوجيا لخدمة ذوى الاحتياجات الخاصة من أدوات تساعده على التعلم وتوفر له بيئة يتفاعل معها وينشط بل ويشارك فى المواقف التعليمية بفعالية " وتتنافس الشركات العالمية فى تقديم كل ما هو جديد لذوى الاحتياجات الخاصة لتحسن من قدراتهم على العمل والتعلم سواء داخل الفصول الدراسية أو فى أى أماكن أخرى. وقد تبنى كمال عبد الحميد زيتون تعريف التكنولوجيا المساعدة بأنها " التكنولوجيا المعينة وهى أى أداة أو وسيلة أو نظام منتج سواء كان مأخوذا بطريقة مباشرة أو بعد تعديله أو تصنيعه وذلك بغرض تنميتة أو الحفاظ عليه، أو تحسين القدرات الوظيفية لدى الأفراد ذو الاعاقات " ( كمال عبد الحميد زيتون 2003 )
وربما يكون السؤال الذي يطرح نفسه الآن:
ما الأسس النظرية التى تستند إليها تكنولوجيا التعليم للفئات الخاصة ؟
تحتاج الإجابة عن هذا السؤال البحث فى العديد من المجالات ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بالنظام التعليمى الذى تنتج من أجله تكنولوجيا التعليم ولعلنا فى هذا المجال نريد التركيز على الأسس التالية:
أولاً: الخصائص العامة لذوي الاحتياجات الخاصة:
تمثل فئة ذوي الاحتياجات الخاصة قطاعاً لا يمكن تجاهله من أي مجتمع، وتتميز هذه الفئة بخصائص عديدة تجعلها ميداناً خصباً للدراسات النفسية والتربوية. وعلي مدي عقدين من الزمن تقريباً بدأت الدراسات النفسية والتربوية في مصر تقتدي بالاتجاهات العالمية الحديثة، فتوجهت اهتمامات الباحثين إلي الفئات المختلفة لذوي الاحتياجات الخاصة تستكشف خصائص بنيانهم النفسي وتتعرف علي المشكلات التي تواجههم وتقترح الحلول والأساليب التي يمكن التغلب من خلالها علي تلك المشكلات، أو تخطي المعوقات التي تحول دون أفضل فرص للحياة الطبيعية لهم، ليس فقط فيما يتعلق بمجالات التعليم والتأهيل والتدريب، وإنما في كافة مناشط الحياة التي تشمل الجوانب الاجتماعية والنفسية. وهذا الاتجاه يعبر عن بدايات تحول وتغير في الاتجاهات الاجتماعية نحو ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يمهد الطريق أمام تحسن أوضاع تلك الفئات واحتلالهم لمكانة اجتماعية يستحقونها، واضطلاعهم بأدوار إيجابية كأفراد منتجين شأنهم شأن العاديين.
مدخل إنساني للتعرف بسيكولوجية الاحتياجات الخاصة : لقد أسهمت الدراسات النفسية في السابق بقسط وافر في تشكيل اتجاهات سلبية نحو ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك باستخدام لغة مسيئة من قبيل مصطلحات كالعاجز، أو المأفون أوالأبله. وقد تكون بعض هذه المصطلحات اشتقت بناء علي ضرورة، حيث تعد هي الوسيلة التي يمكن من خلالها تمييز فئات المعاقين. والحقيقة أن المصطلح أو مجموعة التسميات والألفاظ المستخدمة لتعريف ذوي الاحتياجات الخاصة ما كان ليحدث في ذاته هذا الأثر غير المرغوب إلا في إطار من اتجاهات اجتماعية تعتبر الإعاقة نقصاً، وتعتبر المعاقين عبئاً علي غيرهم من العاديين فالمسئولية تقع علي المجتمع بأسره عندما يتكون في إطاره مفهوم اجتماعي سلبي للإعاقة.
ما رأيك فى هذه القضية ؟
هل ترى أن ذوى الاحتياجات الخاصة يمثلون عبئا على المجتمع ؟
وإذا كانت إجابتك بالموافقة كيف ترى حل هذه القضية ؟
وإذا كانت إجابتك بالإيجاب كيف السبيل إلى تأهيلهم ؟
نشاط : اكتب مناقشا هذه القضية فى صفحتين على الأقل .
إلا أن تطور الدراسات النفسية والاجتماعية في إطار علم النفس الإنساني أسهم في تعديل مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة علي نحو غير مسيء من جانب، وأكثر فائدة عملية ومصداقية علمية من جانب آخر. ولعل إسهامات مدرسة علم نفس الجشطالت تكون هي أساس هذا الاتجاه المتطور الذي تعدلت في ضوئه العديد من المفاهيم المرتبطة بذوي الاحتياجات الخاصة. فالمعاق ليس إنساناً ناقصاً، ولكنه إنسان مختلف، إنه بنية كلية لها انتظامها الفريد، وشخصيته المتكاملة هي الإطار الأعم لهذا الانتظام. وليست الإعاقة سوي معطي من المعطيات العديدة التي تتكون منها الصورة الكلية لهذا النظام الفريد.
أما الجشطالت فهي مدرسة فيزيائية في المقام الأول، ولكنها اهتمت بترجمة قوانين الفيزياء إلي لغة نفسية تعبر بصورة مذهلة عن بعض أهم خصائص الشخصية الإنسانية. من هذه القوانين قانون علاقة الكل بالأجزاء لفون اهرنفلزVon-Ehrenfels ، وقانون الامتلاء أو الجشطالت الحسنة لفرتهايمرWertheimer وهما قانونان ذوا أهمية خاصة بالنسبة لسيكولوجية الإعاقة.
1- قانون الكل والأجزاء: فمن أهم خصائص الجشطالت استقلال الكل بخصائص تميزه عن خصائص الأجزاء التي يتكون منها. الجشطالت شئ آخر، أو هي شئ يزيد عن مجرد حاصل جمع أجزائها. والشخصية الإنسانية بهذا المعني هي بنية كلية، أي جشطالت، لا يمكن فهمها من خلال فهم خصائص الأجزاء التي تتكون منها، ولكن المهم هو الانتظام الفريد للأجزاء المكونة للشخصية في إطار البنية الكلية لهذه الشخصية. فعلي سبيل المثال، إذا جمعنا بعض سمات الشخصية من قبيل الشجاعة والعدالة والحكمة والإيثار، لا يمكن إطلاقاً أن نحصل علي انتظام فريد لشخصية أحد عظماء التاريخ. فمن المستحيل حتى في الخيال أن نجمع لنكولن وغاندي مثلاً من سمات متقنة جاهزة علي الرف.
ويلاحظ أن الكيفية التي ينتظم بها الجزء في الكل هي التي تحدد خصائص الأجزاء. فالجزء يكتسب معناه ودلالته من خلال انتمائه للكل، لا العكس. بعبارة أخري، أن الإنسان بنية كلية مكونة من أجزاء، ولكنها ليست مجرد مجموع هذه الأجزاء، وإنما تكتسب تلك الأجزاء دلالتها من خلال انتمائها إلي الكل ومن خلال الدور الفريد الذي تلعبه في سياق هذا الكل. فالقدرات الخاصة_ مثلاً_ لا دلالة لها في ذاتها، ولكنها تكتسب دلالتها في ضوء طبيعة الدور الذي تؤديه في إطار الكل الذي تنتمي إليه أي الشخصية. والموهبة يمكن أن تكون أحد أهم الخصائص الإيجابية في حالة استثمارها علي النحو الأمثل، في حين أن الموهبة غير المستغلة واقعياً يصعب اعتبارها واحدة من مكونات الشخصية أصلاً.
وينطبق هذا علي معطيات الإعاقة في ضوء الدور الذي تلعبه في إطار السياق الكلي للشخصية. فقد تكون محوراً للإحباط ومشاعر الدونية، وقد تمثل دافعاً لاكتشاف الإمكانات وباعثاً علي تطوير الذات والارتقاء بها.